الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية علي العريض يتحدث عن أزمة النداء..وتغيير الحكومة والعلاقة مع مصر والامارات

نشر في  19 أكتوبر 2015  (21:18)

دعا رئيس الحكومة التونسية الأسبق، الأمين العام لحركة "النهضة" الإسلامية، علي لعريض، إلى دعم الحكومة الحالية في بلاده، وإعطائها الوقت الكافي لإنجاز مهامها.
جاء ذلك في حوار أجرته معه الأناضول، في مكتبه بمقر "النهضة" في ضاحية "مونبليزير" بالعاصمة تونس، تناول عدداً من الملفات الداخلية والخارجية.
فعلى الصعيد الداخلي، قال لعريض الذي تولى رئاسة الحكومة من 13 مارس 2013 إلى 29 جانفي 2014: "نحن نعيش تحدياً أمنياً يُعتبر من أولويات الحكومة والحكومات التي تعاقبت، حيث لابد وأن يتم العمل على كيفية ضبط الأمن، ومقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة بكل أنواعها".

وأضاف: "تقدمنا شوطاً في محاربة هذه الآفة (الإرهاب)، لأن البلاد تمكنت من أن تفكك هذه الأجهزة وتتعرف على الفاعلين وعلى أغلب خلاياهم، وعلى بنيتهم التنظيمية، وأحالت بعضهم على العدالة، فيما قُتل بعضهم في المواجهات. لكن لم نحسم بعد، وما زال هناك بعض العمليات".

يُشار إلى أن السلطات التونسية تبذل منذ أشهر، جهوداً من أجل تطويق ما خلفته هجمات شهدتها البلاد، أبرزها عمليتي "باردو" في مارس/أذار ، و"سوسة" في يونيو/حزيران الماضيين، فضلاً عن حالة الطوارئ التي فرضتها في يوليو/تموز الماضي، قبل أن تنهيها مطلع الشهر الجاري.

وفيما يتعلق بتقييمه لعمل حكومة لحبيب الصيد الحالية، والانتقادات التي توجه لها من قبل بعض قياديي "نداء تونس" (الذي يقود الائتلاف الحاكم) لإقالتها، أجاب قائلاً: "الحكومة حالما تكونت كانت تواجه عدة بؤر توتر في البلاد، فانشغلت بها، ولم تتقدم في مجال الإصلاحات".

وتابع: "نحن في حركة النهضة، ندعم الحكومة، ونشد أزرها، ونرفض تغييرها، ونعتبر أنها تحتاج إلى دفع أكثر، وجرأة أكبر، وسرعة في الإقدام على الإصلاح".

وعن أسباب تمسك حركته بهذه الحكومة، أوضح قائلاً: "المسألة في غاية البساطة، الاستقرار السياسي هو جزء من إيجاد حلول للمشكلة، ونحن لا نتوقع أن نجد حلولاً لقضايانا إذا كنا نغيّر حكومة كل 6 أشهر، ولا نستطيع أن نعطي اطمئناناً للاستثمار الداخلي والخارجي، ولمختلف الأطراف الوطنية والدولية، إذا كنا نعيّن حكومة ثم بعد شهرين نطالب بإسقاطها".

ومضى قائلاً: "الإعمار والإصلاح يحتاجان إلى استقرار سياسي وأمني، وسلم اجتماعي، ونحن نريد أن يتحقق الاستقرار السياسي ما دمنا قد قمنا بانتخابات، ولا نريد أن نتعسف على الحكومة، وليس بالضرورة أن نجد أفضل من هذه الحكومة".
وأردف: "في هذه المرحلة لابد من دعمها (الحكومة)، وإعطائها وقتاً لتنجز، وحثها، ومن ثم نقدها عند الضرورة".
وفيما يتعلق بتفشي "الفساد" الذي تحدث عنه لزهر العكرمي، الوزير المستقيل مؤخراً من حكومة الصيد، ردّ لعريض: "لم يأت العكرمي بجديد".
وكان العكرمي الذي كان يشغل منصب الوزير المكلف لدى رئيس الحكومة بالعلاقات مع مجلس نواب الشعب، أعلن في الـ5 من الشهر الجاري، عن استقالته، احتجاجاً على ما أسماه "تفشي الفساد"، وقال في تصريح إذاعي: "الفساد ليس في التهريب على الحدود في الجنوب، بل في بناء جدار أمام الموانئ".
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لحركة "النهضة": "الفساد ليس في التهريب عبر الحدود، أو الموانئ، بل حتى في المطارات، فنحن كنا في الحكم، ونعرف أن الفساد منتشر، ويعتمد على بعض الشبكات، وعلى بعض المسؤولين (لم يسمهم)، وهذا كان قبل الثورة (14 جانفي 2011)، لكن البعض استمر به إلى ما بعد ذلك".
واعتبر أن "مقاومة الفساد ليست قراراً سياسياً يُتخذ، بل هي تفكيك شبكات، وتغيير مسؤولين، وتطوير قوانين وأجهزة"، لافتاً إلى أن مقاومة هذه الظاهرة تبقى "مطلباً مستمراً".
واستكمالاً للحديث عن موضوع الفساد، عاد لعريض إلى فترة حكم "الترويكا" (حركة النهضة، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي) والجهد الذي قال إنه بُذل في مقاومة الفساد، موضحاً أن ذلك يأتي عبر البحث عن الذين أفسدوا وأخذوا المال العام، وفتح قضايا بشأنهم، ومحاولة استرداد تلك الأموال التي نهبوها، إلى جانب تغيير المسؤولين الذين ارتبطوا بالرشوة والنيل من المال العام بمسؤولين أكثر نظافة، بالإضافة إلى إجراء قوانين وإصلاحات هيكلية تحد من هذا الفساد وخاصة المرتبط بالصفقات العمومية، وما يجري فيها.
وأشار رئيس الحكومة الأسبق، إلى أن "أكثر من 1200 قضية فساد أُحيلت للقضاء، خلال فترة توليه نصب الوزارة، وأن ما لا يقل عن 550 شركة تمت مصادرتها، فضلاً عن الكثير من العقارات والمنازل، وآلاف الهكتارات التي تمت إحالتها إلى أملاك الدولة، وأموال الشعب التي نُهبت وجرى استغلالها".
غير أنه استدرك قائلاً: "لكن التواصل كان ناقصاً، والإعلام لم يكشف ذلك، ناهيك عن أن القضاء بطيء، ولا أدري هل ذلك متعمد من جهات أم لا؟".
وبخصوص تأجيل المؤتمر الوطني حول "الإرهاب" الذي كان مقرراً عقده نهاية الشهر الحالي، أشار العريض إلى أن أعمالاً تحضيرية كانت قد بدأت لهذه الحدث، وأنه تم الاتفاق مع رئاسة الحكومة التي اختارت أن يكون المؤتمر في هذا الموعد، "لكن لاحظنا أنها بدأت تفكر في موعد آخر، وما نأمله هو التعجيل في عقده".
وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كان لحركته دوراً في الأزمة التي يعيشها حزب "نداء تونس" من صراعات، وانشقاقات، نفى الأمين العام لـ"النهضة"، هذا الأمر، وقال: "نحن لا نتدخل في الصراعات الداخلية لدى أي طرف، وهذه مسائل تحصل في الأحزاب وخاصة عند بداية تشكلها قبل أن ينتظم مشروعها الاقتصادي والاجتماعي وثوابتها السياسية".
وأضاف: "نحن نتعاون مع نداء تونس الذي يعيش مخاضاً، ونتعاون أيضاً مع بقية الأحزاب".
ويرى مراقبون أن أزمات داخلية تعصف بحزب "نداء تونس"، انطلقت مع مغادرة السبسي للحزب، وبدأت تطفوا على السطح صراعات وتصريحات للقيادات، وانشقاقات تنبئ بتأزم للوضع، آخرها كان استقالة الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، لزهر العكرمي، معللا مغادرته بـ "تفشي الفساد".
وعن رأيه في مشروع قانون "المصالحة الاقتصادية والمالية" أثار جدلاً في الساحة التونسية، خاصة وأنه يقضي بالمصالحة مع كل من يرغب بالصلح من المتورطين بقضايا فساد مالي، أجاب العريض: "موقفنا في النهضة من حيث المبدأ نحن معه، لأننا نعتبر أن بإمكانه دعم العدالة الانتقالية، والتسريع من استرداد بعض الأموال".
لكنه أوضح أن حركته لم "تقبل القانون كما هو، وأنها لا تطالب بسحبه قبل دراسته مثلما طالبت بعض الأطراف، نحن لدينا ديمقراطية".
ويهدف مشروع القانون، الذي صادقت عليه الحكومة في 14 جويلية الماضي، ونشرته وسائل إعلام محلية، بينها وكالة الأنباء الرسمية، إلى "إنجاح منظومة العدالة الانتقالية، في مجال الانتهاكات المتعلقة بقضايا الفساد المالي، والاعتداء على المال العام، والعمل على إنجاح مسارها، أخذاً بعين الاعتبار، خصوصية تلك الانتهاكات من ناحية، والتداعيات السلبية لطول آجال معالجتها على مناخ الاستثمار، وثقة المواطن بالدولة من ناحية أخرى".
كما تضمن المشروع الذي من المنتظر أن تعرضه الحكومة على مجلس نواب الشعب، خلال الفترة المقبلة، لمناقشته والتصويت عليه "فتح إمكانية إبرام الصلح بالنسبة للمستفيدين من أفعال تتعلق بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ويشمل الصلح، الأموال والممتلكات التي ما زالت على ذمة المعني بالأمر، ولا تدخل الممتلكات التي تمت مصادرتها لفائدة الدولة".
في سياق آخر، دعا الأمين العام للنهضة، إلى التعجيل بالانتخابات البلدية "حتى تكون البلديات قادرة على القيام بمهامها وخاصة بالنظافة".
وعن طبيعة مشاركتهم في هذا الاستحقاق الانتخابي، قال: "في حركة النهضة، لم نحدد كيفية مشاركتنا في الانتخابات البلدية، ولا حجم المشاركة، وهذا الأمر لا يأتي إلا في طور متقدم جداً، لكننا مع نهج الوفاق والشراكة الذي يتقدم بالبلاد ونبقى مفتوحين لدراسة كل المقترحات".
خارجياً، لفت لعريض إلى "استبشار" حركته بالنجاح الأولي لجولات الحوار الليبي انعقد خلال الأشهر الماضي في مدينة الصُخيرات المغربية، والذي أفضى، قبل نحو أسبوعين، إلى اتفاق الأطراف على تشكيل حكومة وحدة وطنية، داعياً الأطراف الليبية إلى أن تجعل "الحوار، والتوافق، والتنازلات المتبادلة، قاعدتها في حل الخلافات".
وعما تناقلته تقارير إعلامية من أن الإمارات موّلت أحزابا لإقصاء حركة النهضة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، قال لعريض: "ليس لي علم دقيق بأن دولة ما، موّلت أطرافاً سياسية في الانتخابات البرلمانية الماضية، هناك كلام كثير يقال في الإعلام، ونأمل من مؤسسات الرقابة المعنية والمحاكم ، أن تتابع ذلك، لأن هذا يفسد الديمقراطية".
أما على صعيد علاقتنا بالإمارات فهي "ليست عدائية، وليست متطورة كما نريد، لكنها غير عدائية على الأقل من جانبنا، نحن نكّن لهذا البلد احتراماً، ولا نتدخل في شؤونها، تماماً كما لا نريد من أية جهة كانت أن تتدخل في الشؤون التونسية، ونتعاون في المصالح المشتركة".
وعلى صعيد زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، المرتقبة لتونس، قال:"علاقتنا بالشعب المصري علاقة عريقة وتاريخية كما هي بين النظامين، سوا أنه في بعض الفترات القليلة وخاصة في عهدي بورقيبة رحمه الله، وجمال عبد الناصر، شهدت العلاقة بعض المشاكل، وكذلك الحال في بعض الأوقات مع أنور السادات رحمه الله".
وتابع العريض "نأمل للمصريين أن يجدوا الطريق الذي يناسبهم والذي يحفظ لهم الحرية والديمقراطية، وينهي الحالة المأساوية التراجيدية التي يمرون بها، هناك طرف سياسي وهو حركة الإخوان المسلمين في السجون، والمنافي، إلى جانب أحكام الإعدام، المصريون هم أقدر على أن يجدوا طريقهم، ونحن دائماً داعمين للديمقراطية وحقوق الإنسان".
وفي الرابع من الشهر الجاري، التقى الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بنظيره المصري، في القاهرة، في زيارة هي الأولى للسبسي منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية، أواخر العام الماضي .
وفيما يتعلق بزيارة السيسي إلى تونس، فلم يُعلن رسمياً من كلا البلدين، عن موعدها، غير أن مصادر إعلامية تتحدث عن أواخر الشهر الجاري، أو أوائل نوفمبر المقبل.

الأناضول